منتدى سواعد الإخاء

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى سواعد الإخاء

تمكين الفقه المالكي من تبوء مكانته الأساسية في الدراسات الحديثة، النشاطات والدورات والمسابقات، إحياء وبعث رسالة المسجد


2 مشترك

    شهر شعبان... دروس مستفادة

    الشيخ زوهير بن الطيب ساسي
    الشيخ زوهير بن الطيب ساسي
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    عدد المساهمات : 104
    نقاط : 277
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 06/04/2010

    شهر شعبان... دروس مستفادة  Empty شهر شعبان... دروس مستفادة

    مُساهمة من طرف الشيخ زوهير بن الطيب ساسي الجمعة يوليو 08, 2011 4:40 am



    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    1- شعبان بداية عام هجري جديد ترفع فيه أعمال السنة إلى الله -تعالى-، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ. قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ)(رواه النسائي، وحسنه الألباني).
    2- ولذلك فقد كان أكثر صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النافلة في شعبان، عن عائشة -رضي الله عنها- قالتSadفَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ) (رواه البخاري ومسلم)، وعن أنس -رضي الله عنه- قال: (وَكَانَ أَحَبُّ الصَّوْمِ إِلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَعْبَانَ)(رواه أحمد والطبراني، وقال الألباني: حسن لغيره).
    3- محاسبة النفس على تقصيرها في العام المنصرم، والعزم على الجد في العام المقبل، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم".
    قال الحسن البصري: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني".
    4- فضل ليلة النصف من شعبان، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلاَّ لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ)(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وفي رواية: (إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ اطَّلَعَ اللَّهُ إِلَى خَلْقِهِ، فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ)(رواه البيهقي والطبراني، وحسنه الألباني)، غير أن فضيلتها لا تعني تخصيص يومها أو ليلتها بعبادة.
    5- وجه الجمع بين الإشراك والمشاحنة في الحديث: "أن المشرك قطع الصلة بينه وبين الله -تعالى-، والمشاحن قطع الصلة بينه وبين إخوانه".
    وقد جمع الله ذلك في قوله -تعالى-Sadوَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً)(النساء:36).
    6- مرور سريع على بعض مظاهر الشرك، مثل: دعاء بأصحاب القبور، والذهاب إلى السحرة والعرافين، والتحاكم إلى غير الشريعة الإسلامية، وتعليق التمائم ... الخ.
    وبيان أن الشرك سبب لمنع الرحمة في الآخرة أيضًا؛ قال -تعالى-: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً)(النساء:116).
    7- التدابر والتقاطع سبب لمنع تنزل الرحمة والمغفرة، والتواصل والتآلف سبب لتنزلها؛ عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ)(متفق عليه)، وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ)(متفق عليه).
    8- التحذير من الحقد والحسد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا. وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ)(رواه مسلم)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ يَجْتَمِعُ فِي جَوْفِ عَبْدٍ الإِيمَانُ وَالْحَسَدُ) (رواه ابن حبان، وحسنه الألباني).
    وعن ضمرة بن ثعلبة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَحَاسَدُوا)(رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
    9- من أعظم المشاحنة بغض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمهات المؤمنين، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)(الحشر:10)، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ)(متفق عليه).
    عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ, وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
    10- من المشاحنة أيضًا البراءة من المؤمنين ومظاهرة الكافرين عليهم، قال -تعالى-: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)(المائدة:55)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً)(النساء:144).
    وصلِ اللهم على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلى آله وصحبه وسلم
    avatar
    الهامل الهامل
    عضو جديد
    عضو جديد


    عدد المساهمات : 26
    نقاط : 65
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 16/05/2011

    شهر شعبان... دروس مستفادة  Empty رد: شهر شعبان... دروس مستفادة

    مُساهمة من طرف الهامل الهامل السبت يوليو 09, 2011 11:46 am

    فضل شعبان
    الخطبة الأولى
    الحمد لله الواحد القهار، مقلب القلوب والأبصار، مكور الليل على النهار؛ ومكور النهار على الليل؛ ليكونا مواقيت الأعمال ومقادير الأعمار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الغفار، شهادة تبرئ قلب معتقدها من الشرك بصحة الإقرار، وتبوئ قائلها الجنة فنعم عقبى الدار، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله المصطفى المختار، رفع الله تعالى ببعثته عن أمته الأغلال والآصار، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه الأخيار، صلاة وسلاماً متعاقبين إلى يوم القرار.
    أمابعد: أيها الإخوة المؤمنون، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى، فمن خاف الوعيدَ قصُر عليه البعيد، ومن طال أمله ضعف عمله، الإيمان خير قائد، والعمل الصالح خير رائد، والإحسان إلى الناس خير عائد، وحسن الخلق خيرٌ زائد. أهل الدنيا في غفلة، تمرّ عليهم الجنائز، والموت فيهم واعد وناجز، وهم يبنون ما لا يسكنون، ويجمعون ما لا يأكلون، فيا سعادةَ من استعان بدنياه على آخرته، ويا فوزَ من شمّر لمرضاة ربّه وعمل على طاعته، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.
    أيها المسلمون، لقد جاءكم ووفَد عليكم سفيرٌ كريم بين يدَي ضيفٍ حبيب عظيم، فأكرموا سفيرَ حبيبكم، وقوموا بحقّ مبعوث ضيفِكم، إنه شهر شعبان، رسولُ رمضان وسفيره، ومبعوثه إليكم وبريدُه، فمن حقّ رمضان علينا ـ أيها المؤمنون ـ أن نصِل قريبه، وأن نكرمَ أخاه وقرينَه، ويكون ذلك بأمور يسيرةٍ لمن همُّه سعة قبره وضياؤه، وهدفه رحمة ربّه ورضاؤه.
    أيها الإخوة الكرام، أوّلُ ما يكون به الإكرام لهذا الشهر الزائر الراحل هو الإكثار من الصيام فيه، فإنّ حبيبنا المصطفى كان يكثر من الصيام في شعبان، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ما رأيتُ رسول الله استكمل صيامَ شهر إلاَّ رمضان، وما رأيته أكثرَ صياما منه في شعبان، وقالت رضي الله عنها: كان النبي يصوم شعبانَ كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
    وقد بيّن نبيّنا سببَ إكثاره من الصيام في هذا الشهر المبارك، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لَم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟! فقال : ((ذاك شهر يغفَل الناس عنه، بين رجَبٍ ورمضان، وهو شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أن يُرفَع عَملي وأنا صائم)).
    فذكر سببين اثنين: أولهما أن شهر شعبان شهرٌ يغفل الناس عنه لوقوعه بين شهرين عظيمين: شهرِ رجب وشهرِ رمضان، والأوقات التي يغفل فيها الناس عن العبادة تحسن فيها الطاعات وتعظم فيها الحسنات، فالمؤمن ينبغي له أن يزداد تشميره وحرصُه على الطاعة والعبادة والذكر حين أوقات الغفلة وفي أماكن الغفلة.
    والسبب الثاني لإكثار المصطفى من الصيام في شعبان هو أن شعبانَ شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى, فأراد أن يرفع عمله وهو صائم، فلنحرص ـ أيها الإخوة المؤمنون ـ على الاقتداء بنبينا وحبيبنا محمد.
    ثم إن الصيام في شعبان ـ أيها الإخوة المؤمنون ـ هو كالتّمرين على صيامِ رمضان، لئلا يدخل المسلم في صومِ رمضان على مشقّة وكُلفة، بل يكون قد تمرّن على الصيام واعتادَه، ووجد بصيام شعبان قبل رمضان حلاوةَ الصيام ولذّته، فيدخل المسلم في صيام رمضان برغبَة وقوَّة ونشاط.
    عباد الله، الإكرام الثاني الذي نكرم به شهر شعبان هو تطهير أنفسِنا من جميع الذنوب والمعاصي وتنقيةُ بيوتنا من جميع المنكرات والمخالفات، فالتوبةَ التوبةَ يا عباد الله، توبوا إلى لله تعالى توبةً نصوحًا، واصطَلِحوا مع خالقكم، وافتحوا صفحةً جديدة بيضاءَ لما تبقّى من حياتكم، وأَبشِروا بقَبول الله تعالى، قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
    احرص ـ أخي المسلم ـ على أن لا يدخلَ عليك رمضان إلاّ وأنت طاهِرٌ نقيّ، فإنّ رمضانَ عِطر، ولاَ يُعطَّرُ الثّوبُ حتى يُغسَل، وهذا زمنُ الغسل، فاغتسلوا ـ رحمني الله وإياكم ـ من درَن الذنوب والخطايا، وتوبوا إلى ربكم قبل حلول المنايا، اتّقوا الشركَ فإنه الذنب الذي لا يغفره الله لأصحابه، واتَّقوا الظلم فإنه الديوان الذي وكله الله لعباده، واتقوا الآثام فمن اتقاها فالمغفرة والرحمة أولى به.
    يا من للناس عليك حقوقٌ، أدِّ الحقوقَ لأصحابها. أيها العاق لوالديه، ائت مرضاةَ الله من أبوابها، وإن رضا الله تعالى في رضا الوالدين، وسخطه تعالى في سخط الوالدين. أيها الشاب الواقع في المعاصي، اعلم أن الشيطان لن ينتصر عليك بإيقاعك في المعاصي، وإنما ينتصر عليك بتقنيطك وتيئيسك من رحمة أرحم الراحمين وبتسويف التوبة وطول الأمل.
    أيها الإخوة الأحبة في الله، الإكرام الثالث الذي نكرم به سفير رمضان هو الإكثار من قراءة القرآن، فقد كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يجدّون في شعبان، ويتهيّئون فيه لرمضان، قال سلمة بن كهيل رحمه الله: كان يقال: شهر شعبان شهرُ القراء، وكان عمرو بن قيس رحمه الله إذا دخل شهرُ شعبان أغلَقَ حانوتَه وتفرَّغ لقراءةِ القرآن.
    فلنحرص ـ رحمني الله وإياكم ـ على الإكثار من الطاعات واجتناب السيئات، ولنغتنم فراغنا قبل شغلنا، وصحتنا قبل سقمنا، وحياتنا قبل موتنا، وغنانا قبل فقرنا.
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم_


    الخطبة الثانية
    _________
    الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.
    أما بعد: أيها الناس، إنكم قادمون على ما قدّمتم، ومجزِيّون على ما أنجزتم، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فالسعيد من تدبّر أمرَه، وأخذ حِذرَه، واستعد ليوم لا تنفع فيه عَبرة. الناس يثقون بالدنيا وهي غدّارة، ويطمئنون إليها وهي مكّارة، ويأنسون بها وهي غرّارة، وهل لك ـ أيها الإنسان ـ من الدنيا إلا حفرة ضيّقة تَحويك وقبر مظلمٌ يُؤويك؟! ثمّ إما إلى نار تلظّى أبد الآبدين، وإما إلى نعيم مقيم أبد الآبدين، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ ، نسأل الله تعالى أن يدخلنا الجنة وأن يعيذنا من النار بمنه وكرمه.
    عباد الله، قال بعض العارفين: شهر رجَب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر السقي، وشهر رمضان شهر الحصاد، وقال: مثل شهر رجب كالرّيح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع في رجب ولم يسق في شعبان، فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟!
    فيا من تريد غنيمةَ رمضان، اعمل على تحقيق شروطها من الآن. يا من تبتغي جائزة العيد، قدّم عربونها من الآن. كيف يسعد برمضان من لم يطهّر ماله من الحرام؟! كيف يفرح برمضان من هو غارق في وحل المسكرات والمخدّرات والآثام؟! كيف يتلذّد بالقرآن في رمضان من أخذ أموال الناس وجحدها أو ماطل وتأخّر في ردّها بغير عذر؟! كيف تستفيد من رمضان من لم تطهّر لسانها من الغيبة والنميمة، وقلبَها من الحقد والغلّ والحسد؟!
    فيا أخي المسلم، ويا أختي المسلمة، يا من أتيتم تستمعون الذكر، أنتم على خير عظيم، وعلى صراط مستقيم، فالثبات الثبات، الثبات الثبات حتى الممات، وليس الموت ببعيد.
    مضى رجبٌ وما أحسنتَ فيه وهذا شهرُ شعبانَ المبارَك
    فيا من ضيَّع الأوقات جهلاً بِحُرمتها أفِق واحذَر بَوارَك
    فسوف تفارق اللّذاتِ قسرا ويُخلي الْموتُ قَهرا منكَ دارَك
    تدارَك ما استطعتَ من الخطايا بتوبةِ مخلصٍ واجعل مدارَك
    على طلبِ السلامةِ من جحيمٍ فخَير ذوي الجرائمِ من تدارَك
    ...
    ألا فاتقوا الله - رحمكم الله - وآمنوا به واعتمدوا عليه ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
    ثم صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبيكم محمد رسول الله ؛ فقد أمركم بذلك ربكم فقال - عز قائلا عليما - في محكم تنزيله قولا كريما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (56 سورة الأحزاب) .. اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر والخلق الأكمل وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين ، وارض اللهم عن الأربعة الراشدين والأئمة المهدين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن الصحابة أجمعين ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك وجودك يا أكرم الأكرمين
    . نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يبارك لنا في شعبان، وأن يبلغنا رمضان، وأن يكتب لنا فيه الرحمة والرضوان والعتقَ من النيران، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
    اللهُمَّ حبِّبْ إلَيْنَا الإيمانَ وزيِّنْهُ في قُلُوبِنَا، وكرِّه إلَيِنَا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، واجعلنا من الرَّاشِدينَ.
    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات
    اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً لنا من كلِّ شر.ّ
    ٍاللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك المجاهدين في كل مكان يارب العالمين
    اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين
    اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم
    اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم اليوم ذنبا إلا غفرته ولا مريضا إلا شفيته ولا عيبا إلا سترته ولا بلاء إلا رفعته ولا ضآلا إلا هديته ولا ظالما إلا قصمته ولا تائبا إلا قبلته ولا مدينا إلاقضيته عنه ياذا الجلال ةالإكرام
    اللهم صل وسلم وبارك على على عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة ومن تبعهم وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم الأكرمين
    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
    فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 7:47 am